الاثنين، 12 نوفمبر 2007

لأفهَم..

لنفكر قليلاً: كل الأمور التي لا نفهمها أبدًا, وكل الخيوط المتشابكة, التي كان من السهل أن تصبح أكثر بساطة, وكل الدوائر الغير مكتملة, التي تنتهي - دومًا - إلى دائرة جديدة, لا تكتمل هي الأخرى, وغيرها. ألا يمكن أن تكون هذه الأشياء تمضي هكذا, دون أن نفهم, مهما بحثنا عن الحكمة, لأن الله يريدنا أن نعلم أن حياتنا الأولى ليست هي النهاية؟ فيصبح بحثنا عن حكمة حدوث الأشياء خلال فترة قصيرة فقط هباءً, لأنه لن يؤدي بنا إلى نتيجة نرتاح إليها.

أعني, تخيّل مثلا أنكَ شاهدت مسلسلا تليفزيونيًا, ثمّ توقفت عن متابعته بعد عدد يسير من الحلقات, هل سيكون من المنطقيّ أن تتهم الكاتب بأن مؤلَفه غير مفهوم, أو غير مكتمل الأركان؟, لا!, لماذا؟ لأنك تعلم أن حكمك لم يكن إلاّ على جزء صغير من صورة كبيرة, لم يتسنّ لك مشاهدتها بشكل كامل.

فإذا كانت حياتنا الأولى - أصلا - لم تنته بعد, كيف نحتجّ, ونتهم الأقدار بالعبث بمصايرنا, لأننا خسرنا أشياء كنا نرى أنفسنا أحق بها من الآخرين, أوْ ظننّا أن الأمور “كان يجب” أن تمضي على نحوٍ آخر, لأن هذا النحو الآخر يسعد الجميع “الآن"؟, ومن أدرانا بما سيحمل المستقبل من نتائج لما نودّ أن نسيّر الدنيا عليه في هذه اللحظة؟ لماذا لا نثق بخالق كل ما حوْلنا, إذا كنا على ثقةٍ بأن لا شيء يجري بغير علمه, وبأنه لا يغفل حتى عن نسمة هواء بدّلَت مكان ذرتيّ رمال في صحراء لم يقربها بشر؟

.. إلهي العظيم, وحدك تدرك تمامًا, وتذكر إلى الأبد, كل ما يمرّ بالخاطر حتى ولوْ نسيْناه نحن, ووحدكَ, تعلم في أيّ طريق تكمن سعادة العباد, ورغم تباين وتقاطع طرقهم ومسالكهم, ورغم إبتعادهم عنك أحيانًا, إلاّ أنهم يجدونكَ دائمًا على مسافة دعاء منهم, على مسافة كلمة “ربي”, أو أدنى.

وحدك لا تغلق أبدًا أبوابك: كما سبق في علمك, كان ما كان, وسيكون ما سيكون, أشهدك أني راض قبل القضاء, واسألك الرضا, برد الرضا, بعد القضاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق